أبـــي – د. ربيعة أبي فاضل

أحبُّكَ فوق ما علّمتني الأديانُ عنك، فوق اجتهادات الفلاسفة، فوق تأويلات اللّاهوتيّين، فوق تخبُّطات الواعظين، فوقَ المستغلّين تناقضاتِ النّصوص ليُشوِّهوا جمالَكَ، ليُظهروكَ عاشقًا العنفَ، ومُباعدًا أبناءكَ بعضَهم عن بعض!
وأُحبُّكَ فوقَ الخطيئة، فوقَ الطقوس، فوقَ غرائزِ البشر، مؤمنين أو عمياناً يَسوقونَ العميان، متطرِّفين أو مُعتدلين يُمارسون الخُبث، مُكرّرين حكايات الانتقام من إنسان يُودّعُ شقاءً لِيستقبله شقاءٌ نارٌ، ويترك غربة لتُرهقه غُربات!
وقلتُ أُحبُّكَ لأنّك أبي، قلبكَ يغمر قلبي، ونَصُّكَ صديقُ نفسي، وانتظارُكَ يُفرحٌ توقُّعاتي، وأحلامي، وأيّامي… معكَ تَحرّرتُ مِن همومي، ومن الأقوال عنك، ومن استخدام اسمك لقهر الآخر، ورموزه، وحرّيته، وقيمه، ومقدَّساته!
ويبقى أن تأتي انتَ الآن، أبًا للأنهر، للأشجار، للمدن الخائفة، للشعوب القلقة، للعقول الاصطناعية، للحداثة المُضطربة. لا تُرسل لنا أنبياء أو رُسلًا أو مُتكلِّمين، أو نصوصًا أو معجزات…
تعال أنتَ، انتَ، وأوقِفهم عن اللَّعب بهذه الكُرة الكبيرة!
أَنهى الكفاءَة في اللّغة العربيَّة وآدابها في كليّة التربية- الجامعة اللبنانية، أَواسط السبعينيَّات، والدكتوراه في الجامعة اليسوعيّة ثمّ اللبنانيَّة، أَواخر الثمانينيَّات. مارس الصِّحافة الثقافيّة في جريدتَي النَّهار والحوادث. وعلّم في كليّة الآداب، الجامعة اللبنانيّة. ولا يزال يشرف على طلّاب الماجستير والدكتوراه. وهو من الأَقلام الأصيلة والحديثة معاً. أَنتج ستّين كتاباً في النقَّد الأَدبيّ والقصَّة والرّواية والشّعر. وشدّد في نقده على عمق الدَّلالة وسَعة الفضاء ووهج الجمال، واستمدّ معظم قصصه ورواياته من بيئة الرِّيف اللّبنانيّ، ومن التحوّلات التي تفرضها تمدّدات المدن، وإيقاعات الحضارة، والحداثة. أَمّا شعره فصوفيّ، غنائيّ، مشرقيّ، يستمدّ من شمس الشرق دفئها، ومن روحانيّة الشرق غناها، ومن التنوَّع الفكريّ المتفتّح، والحوار والتَّفاهم وقبول الآخر، والبعد عن الكراهية والتسلّط الثّيوقراطي الأَعمى!