“مهرجانات بيبلوس الدولية” تُنشدُ الحياة… النسخة 23 تنطلقُ ببرنامجٍ حافل

في ظلّ المشهد الإقليمي القاتم، وغياب الدعم الرسمي، أعلنت “مهرجانات بيبلوس الدولية” عن ولادتها الثالثة والعشرين، وكأنّها تواجه العتمة بالأمل. من منتجع “إده سانتس” في جبيل، انعقد المؤتمر الصحافي المرتقب، مع أبرز عبارة على لسان رئيس المهرجانات، رافاييل صفير، قوله: “الصيف اللبناني لا يزال واعدًا”. عبارة بدت وكأنّها تصرُّ أن ترسم شمسًا ولو فوق أرض تمطر قلقًا.
في اليوم نفسه، كانت “مهرجانات بيت الدين” تعلن تغييرًا جوهريًا في برنامجها بسبب تصاعد التوتّر وإرباك حركة الطيران في المنطقة، إلا أن “بيبلوس” قرّرت ألا تغيب مرّتين، ولعلّها تسلّحت بتفاؤل السيدة أليس إدّه حين نظّمت “مشورًا الفنّ في بيبلوس”، فعرضت في فترة تخبطّ اقليميّ أعمال 37 فنانًأ بمتاجر مختلفة في المدينة جامعةً بين الإبداع الفنيّ والتجربة السياحية الفريدة.
وبرغم الأوضاع الأمنية المتردّية والصعوبات المالية، وتعثّر محاولات التمويل، تنطلق في 5 آب المقبل دورةٌ جديدة من “مهرجانات بيبلوس الدولية”، وتستمرّ حتى 10 منه، على خلفية بحرٍ لا يعرف اليأس وينهض من الرماد كالفينيق مرةً تلو أخرى.
بحضور وزيرة السياحة لورا الخازن لحود، التي أشادت بصمود المدينة ودورها الرياديّ كواحدة من أقدم مدن العالم، جرى الكشفُ عن برنامجٍ فنيّ متوازن يحاكي الذائقة المعاصرة، ويستهدف جمهور الشباب بشغفه وحماسته.
يُفتَتح المهرجان مع الموسيقيّ اللبناني العالميّ غي مانوكيان، في أمسيةٍ تمزج بين الشرقية الأصيلة والنَفَس العصري، على “مسرح بيبلوس البحري”، في ثالث إطلالةٍ له ضمن هذه السلسلة الثقافية. وفي 8 آب، يطل الـ DJ البلجيكي الشاب Lost Frequencies، الذي صنع شهرته العالمية من غرفة منزله، مزجًا موسيقيًّا حيًّا يتردّد صداه في قلوب عشاق الإيقاع العصري.
أما في 9 آب، فتأخذ السهرة طابعًا فرنكوفونيًا مع النجم الفرنسي الجزائري الأصل SLIMANE، الذي بزغ نجمه من برنامج “ذا فويس” بالنسخة الفرنسية، وتمكّن لاحقًا من تمثيل فرنسا في مسابقة “يوروفيجن” العالمية.
ويُختتم المهرجان في 10 آب مع الفنانة NAÏKA، التي تمزج البوب الغربي بنكهة أفرو-كاريبية آسرة، جعلتها وجهًا فنيًا لعلامة “أبل” وشخصية موسيقية لافتة في الجيل الجديد.
رغم اقتصار البرنامج على أربعة حفلات، ثلاثٌ منها لفنانين أجانب، إلا أنّ اللجنة المنظمة شرحت أنّ ضيق الوقت وارتفاع أجور النجوم المحليّين منعها مِن توسيع المشاركة، مؤكّدةً أن التحديّات لم تُوقف طموحها، بل زادتها عزيمة. صفير تحدّث عن ثلاث محاولات لتنظيم المهرجان هذا العام باءت بالفشل، قبل أن يتحقق هذا “البرنامج الثالث الذي كتب له القبول”.
ووسط هذا التصميم، تثبتُ “مهرجانات بيبلوس الدولية” أنّها ليست مجرّد سلسلة حفلات، بل فعلُ مقاومةٍ ناعمة. هي وعدٌ بأنّ الفرح والثقافة ما زالا ممكنيْن، وأنّ جبيل، كما في التاريخ، لا تتكلّم عن الحياة بل تصنعها.