“إبن رشد”، و”مدرسة أثينا” – شربل شربل

في مثل هذا اليوم، ١٤ نيسان، من العام ١١٢٦، ولد في قُرطبة الفيلسوف إبن رُشد.
كتب إبن رشد عشرات الكتب في ميادين مختلفة، على أنّ أشهرها هو” فصل المقال في ما بين الحكمة والشريعة من الاتّصال” الذي دافع فيه عن الفلسفة ضدّ هجمات رجال الدين عليها. والكتاب” تهافت التهافت” الذي دافع فيه عن الفلاسفة وردّ على الغزالي الذي اعتبرهم كفّارًا.
أمر الخليفة منصور الموحّدي، وكان سلفيًّا، بجمع كتب ابن رشد، الذي يقول بالاجتهاد، وبإحراقها.
لا أعتقد أنّ أحدًا من الذين شاهدوا فيلم “المصير”، ليوسف شاهين، يستطيع أن ينسى مشهد إحراق الكتب، ونظراتِ نور الشريف الذي مثّل دور الفيلسوف، إلى هذا المشهد. وقد رأيت ما يشبهه في مسلسل ” ڤرساي” الذي تابعته على نتفليكس، حيث أمر لويس الرابع عشر، الملكُ الشمس، بإحراق كتب البروتستانت.
ولا يستطيع أحد أن ينسى مشهد محمّد منير الذي غنّى “علّي صوتك”حتّى بعد تعرّضه لمحاولة ذبح.
” لا يمكننا إحراق الأفكار” هذا ما أراد المبدع يوسف شاهين قوله. علمًا بأنّ المصير أتى ردًّا على منع عرض فيلمه السابق ” المهاجر”، الذي قدّم فيه تصوّرًا مختلفًا لقصّة ” النبيّ يوسف”…
أنجز رافاييل (في العامين ١٥٠٩ و١٥١٠) على الجصّ لوحته ” مدرسة أثينا” (٥٠٠سم – ٧٧٠) بإيعاز من البابا يوليوس الثاني الذي رغب في أن تكون لوحة محفّزة للنقاش الفكريّ ورمزًا لأهميّة الثقافة تزيّن بها غرفة مكتبته في قصر أبوستوليك، في الڤاتيكان.
إستلهم رافاييل لوحته المذكورة من الكوميديا الإلهيّة (لدانتي) حيث ورد ذكر ” ابن رشد”، فصوّره مرتديًا العمامة (على يسار اللوحة)، وهو ينظر منتبهًا من خلف فيثاغوراس.
هذا، ويعتبر إبن رشد الجسر الذي نقل الفلسفة اليونانيّة، ولاسيّما فلسفة أرسطو، إلى أوروبا. ولم يكن مجرّد ناقل لفكر اليونان، بل كان ناقدًا، مفسّرًا، ومبدعًا…
ما أحوجنا إلى من يكتب” فصل المقال في ما بين السياسة والطائفيّة من الاتّصال”، و” فصل المقال في ما بين قانون الانتخاب والمحاصصة من الاتّصال”، و” فصل المقال في ما بين الهندسات الماليّة وهدر المال العامّ من الاتّصال”، “وفصل المقال في ما بين أركان منظومة الفساد ومغارة علي بابا من الاتّصال”، وهلمّ جرّا…
هذا المقال منشور في كتابي ” في مثل هذا اليوم” – دار سائر المشرق.
كاتب وأديب