هل تعلم؟

قبرُ “جنكيز خان”… سرٌّ عصيّ الكشف

حين أسدَلَ الموتُ ستارَه على حياة جنكيز خان، لم تكن نهايته مجرّد رحيلٍ عظيم، بل كانت بدايةً لأسطورةٍ دفينة، خُطّت تفاصيلها بحبر الغموض والرهبة. ففي لحظة وداعه، أظهر أتباعُه الأوفياء ولاءً يفوق حدّ التصوّر، إذ جعلوا من دفنه طقسًا مقدّسًا لا يعرفه بشر، ولا تبلغه عين الزمن.

فبحسب ما ترويه السجلات القديمة، لم ينجُ أحد ممّن شاركوا في موكب الدفن. جميعهم طُمروا معه. ولكي يُطمس أثر الطريق إلى مثواه الأبدي، أُطلقت قطعان الخيول لتدكّ الأرض، وتُسطّح المعالم، وتُزيل أي شاهد يدلّ على المسار.

كان ذلك الفعل، في عصره، إنجازًا هندسيًّا مهيبًا، يتجاوز الإمكانات المعهودة، ويعكس رغبةً عميقةً في دفن المجد بجلاله وهيبته بعيدًا عن أعين الطامعين والتاريخ على حدٍّ سواء.

ورغم مرور القرون، وانخراط الباحثين في حملات لا تُحصى مستخدمين الأساطير الشعبية تارةً، وتقنيات الأقمار الصناعية طورًا، ما زال قبر جنكيز خان عصيًّا على الكشف، كأنّه قرر الصمت إلى الأبد. ويبقى موته، تمامًا كحياته، غارقًا في المهابة والغموض، معلّقًا بين الحقيقة والأسطورة. ليس ذلك القبر المفقود مجرّد ضريح مجهول، بل هو شاهدٌ صامت على مدى القوة التي امتلكها الرجل الذي أخضع نصف العالم، وفرض سلطانه حتى على إرثه الأخير.

ولم يقف الأمر عند هذا الحدّ؛ بل امتد طموحهم إلى تغيير وجه الطبيعة نفسها، فقد حوّلوا مجرى نهرٍ كامل، ليجري فوق أرض الدفن، وكأنهم أرادوا أن تكون المياه سدًا أبديًّا لسرّ الإمبراطور. هكذا، دُفِنَ جنكيز خان لا تحت التراب فحسب، بل تحت طبقاتٍ من الأسرار والأساطير وكان قبرًا يحفظ لا جسد الإمبراطور فحسب، بل يكتم صدى أمّةٍ بأكملها.

BEIRUT CULTURE
Website |  + posts

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى