مقالات

العملاق أزنافور ومقلدوه…

من يقلدون الكبير شارل ازنافور وهم بعيدون كل البعد عنه وعن عظمته…
فرادة العملاق الارمني الفرنسي كانت اولا في تواضعه الجميل؛ اذ ما وجدناه يوما مؤلها نفسه؛ لا بل كان يمقت مفردات الاطراء على أنواعها ويقابلها بضحكة صفراء كلما خاطبه مقدم بوابل من اللياقات… وسخر العملاق اكثر من مرة على الشاشات ممن يكثرون من استخدام مفردتي Je وMoi حتى انه رفض في اكثر الاحيان “تكبير” اسمه على حساب الآخرين المشاركين في حفلاته معتبرا ان في ذلك انتقاصا من هويته الحقيقية… كان الرجل في سباق محموم مع نفسه لاثبات قدراته حتى بعد تربعه على القمة وتجلى تواضعه في فائض محبته للمواهب الشابة فكان لا يترك سانحة لدعمها وشكرها على اداء اغانيه محاولا ضمها الى مناسبات اطلالاته كلما توافرت له الفرصة وطرق بابه مطرب مغمور… لم نجد ازنافور يوما متحدثا عن مآثره؛ سواء على المسرح ام الكتابات ام المقابلات؛ بل اعتبر نفسه في مسيرة ازلية من التعلم وصقل المواهب ولذا بقي حتى آخر رمق مقدما على التعلم ورافضا لنظرية “الخلود”…
تلمس تواضع ازنافور في كتاباته؛ في ألحانه؛ في مقابلاته؛ في تحوله قلما ناتئا ناقلا لهموم الاخرين وشجونهم… وقد احبه الناس في ضعفه… في انسانيته الصارخة وتعاطفه الكبير… احبوا انكساره ووجعه الصادق… قرأوا في عينيه الدامعتين مآسيهم وقصصهم البعيدة عن البطولات الخارقة ووهم الانتصارات الزائفة… المضحك ان مقلديه على نقيض الرجل فهم من مدمني “الذات” وحب الاضواء وعنجهية “الأنا” وبإمكانيات متواضعة مهما ادعوا العكس زيفا…
فرادة ازنافور كانت ببراعته المنقطعة النظير في التأليف والتلحين والاداء؛ في قدرته وحده؛ دون اوركسترا او اضواء مرافقة؛ وحتى احيانا دون موسيقى؛ على خطف الانفاس؛ وعلى انتزاع “الآه” انتزاعا… لأنه كان حقيقيا… موهوبا حتى النخاع…
اما مقلدوه المزيفون؛ المتكئون على ارثه واغانيه طمعا في بعض من نجوميته؛ مستعينين بوسائل وديكورات فضفاضة وملحمة من البطولات الوهمية؛ فبعيدون كل البعد عن نجومية الرجل الاستثنائية: لم تكن بحاجة الا الى حضوره اليتيم؛ المجرد من الكماليات؛ على مسرح بسيط بأضواء خافتة لتشهد معجزة امام عينيك… وهنا الفرق… كل الفرق…
الفيديو في الرابط:
Julie Mourad
Website |  + posts

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى