Alleviating Art… الليدي ماري مونتاغو في عملٍ مسرحيّ يكرّم ذكراها

قدّمت الجامعة الأميركية في بيروت، عبر تعاونٍ مثمر بين برنامج تاريخ الطب والأخلاقيات والسياسة (MHEP) ومركز الوليد للدراسات والأبحاث الأميركية (CASAR)، عملًا مسرحيًّا فريدًا من نوعه من فصلٍ واحد، من تأليف روبرت مايرز وإخراج لوسيان بو رجيلي، يسلّط الضوء على شخصيةٍ تاريخيّة فذّة غالبًا ما طواها النسيان أو تم تهميش دورها هي الليدي ماري وورتلي مونتاغو.
تتجاوز المسرحية السرد التاريخي التقليدي لتقدّم قراءةً نقدية لمحاولات تغييب إسهامات المرأة في تطور العلوم الطبية. لم تكن الليدي ماري (1689-1762)، الأرستقراطية الإنكليزية وكاتبة الرسائل البارعة، مجرّد شاهدة على عصرها، بل فاعلة مؤثرة فيه، وهي تذكر اليوم لرسائلها الاستثنائية، خاصةً تلك التي كتبتها خلال إقامتها في الدولة العثمانية كزوجةٍ للسفير البريطاني، وقد وصفها بيلي ميلمان بأنّها “من اوائل النساء اللواتي أظهرن فهما مستنيرٍا لثقافة الشرق، بعيدًا عن الصور النمطية السائدة آنذاك.
يتجاوز إرث الليدي ماري الأدب؛ فقد كانت رائدةً في مجال الصحة العامة. بعد نجاتها من تجربةٍ مروّعة مع مرض الجدري تركت آثارها على جسدها وروحها، وفقدانها لشقيقها بسببه، تحوّلت معاناتها إلى دافعٍ للتغيير.
خلال وجودها في إسطنبول، شهدت ممارسة “التجدير” (التلقيح البدائي) التي كانت تتبعها الممرّضات الأرمنيات. وبشجاعةٍ نادرة، نقلت هذه المعرفة إلى بريطانيا في عشرينيات القرن الثامن عشر، متحديةً بذلك المؤسسة الطبية الذكورية المحافظة التي نظرت إلى هذه الممارسة بعين الريبة والازدراء، واصفةً إياها بأنها “أجنبية” و”نسائية”.
تُبرز المسرحية نضال الليدي ماري ضدّ هذه التحيّزات. لم تكتفِ بإدخال التلقيح، بل دافعت عنه بشراسة، مستخدمةً اسمًا مستعارًا ذكوريًا لتضمن سماع صوتها في الأوساط العلمية، منتقدة الأساليب العنيفة وغير الفعالة التي كان يتبعها الأطباء الإنجليز. ورغم أن إدوارد جينر حصد لاحقًا الشهرة الكبرى بتطويره لقاح الجدري، إلا أنّ عمله بُني على الأساس الذي وضعته الليدي ماري بشجاعتها وبصيرتها.
تجسّد الليدي ماري في كتاباتها ومواقفها تحدّيًا مستمرًا للمواقف الاجتماعية التي كانت تعوق النمو الفكري والاجتماعي للمرأة في عصرها.
عُرضت المسرحية لأوّل مرّة في متحف تاريخ العلوم بأكسفورد في آذار 2025، بدعمٍ من الجامعة الأميركية في بيروت. وقد تميّز العرض بأداء مابيل عبدو، التي جسّدت شخصية السيدة مونتاغو باحترافيةٍ مبهرة، تاركةً الحضور في حالةٍ من الدهشة أمام براعتها المطلقة في الأداء باللغة الإنكليزية البريطانية. هذا الأداء، الذي رافقته موسيقى جهاد الشمالي، ساهم في أن يعيد لليدي ماري بعضًا من الاعتراف الذي تستحقه كشخصيةٍ رائدة أنقذت حياة الملايين.




