Meet the Artist

ريجينا فنيانوس مؤسسة Le Bal des Débutantes: متفائلة بالمستقبل ولا مثيل للبنان

وُلدت وترعرعت في البرازيل، لكنّ قلبها ظلّ معلّقًا بوطن أجدادها، لبنان. في رحلةٍ حافلةٍ بالعطاء، جمعت السيدة ريجينا فنيانوس بين صخب الحياة في ريو دي جانيرو والانتماء العائلي لجذورها اللبنانية. عادت إلى لبنان لتبني جسورًا من العمل الإنـســـاني، بـدءًا من حــفلة الــــ Bal des Débutantes التي ذاع صيتها به، مرورًا بإسهامها في دعم مؤسسات لبنان الفاعلة كالصليب الأحمر والدفاع المدني فاقترنت صورتها دومًا بأعمال الخير والجمال.

Beirut Culture التقت فنيانوس في دارتها بجونية فدار حوارٌ شيّق حول مسيرتها الاستثنائية، وجهودها الاجتماعية وحبّها للبنان، ورأيها بواقعه الاجتماعي والثقافي الحاليّ وتصوّرها لمستقبله.

 

كيف تحبّين أن نعرّف عنك؟

أنا برازيلية من أصلٍ لبناني. كان والدي يعشق لبنان، ويُعرّفنا به كوطنٍ، وتحديدًا مدينته جبيل. ورغم أننا عشنا في البرازيل، كان قلبه دائمًا في لبنان. كذلك والدتي، التي كانت جدتها من عائلة “بواري” من جونيه، كانت تحدّثنا دائمًا عن جمال هذه المدينة. أذكر أنني قلت لجدتي يومًا إن لا شيء أجمل من ريو، فأجابتني بثقة أن جونيه أجمل بلدة في العالم. ويا للقدر، بعد ثلاثين عامًا، عدتُ وسكنت فيها. كان والدي يعمل في تجارة الأحجار الكريمة، خاصة الزمرّد، وكان يسافر باستمرار، وكنت أنا أرافقه في رحلاته بصفتي أصغر أخواتي، وهكذا عدت معه إلى لبنان حيث التقيت بزوجي كميل فنيانوس.

أخبرينا عن هذا اللقاء ؟

التقيت به خلال مأدبة عشاء بعدما عدتُ مع والدي إلى لبنان. تزوجنا في البرازيل، ثم عدنا إلى لبنان، واستمرّ زواجنا 58 عامًا. كان زوجي شخصًا اجتماعيًا للغاية فضلًا عن كونه رجل قانون بامتياز وقد تولّى كثيرًا من القضايا العربية والاقليمية والدولية، وكان بيتنا مفتوحًا للجميع من الصباح حتى منتصف الليل. كان زواجنا مثاليًا خصوصًا أننا نتشارك الصفات ذاتـها مـن حيث حبّنا الكبير للحياة الاجتـماعيـة وللاعمال الـخيرية وتحسين ظروف الآخرين.

إلامَ يعود شغفكِ بالعمل الاجتماعي؟

أسّس زوجي كثيرًا من الجمعيات الخيرية، فتابعتُ مسيرته. كان يكرّس حياته لمساعدة الناس، وكنت بدوري أجد سعادةً عارمةً في ذلك. لا أستطيع أن أرى شخصًا محتاجًا من دون تقديم العون له. درستُ “علم أصول التربية” في ريو دي جانيرو، وكان زوجي رئيسًا لكثير من الجمعيات مثل “الليونز” وجمعيات المغتربين، فكان سهلًا أن أكرّس وقتي للنشاطات الاجتماعية والخيريّة اذ كنّا زوجًا متناغمًا ومتجانسًا للغاية.

 

كيف فكّرتِ بإنشاء حدث Bal des Débutantes (حفل المبتدئات)؟

استوحيت الفكرة من البرازيل حيث ثمة تقليد متوارث بتقديم كلّ فتاة تبلغ الخامسة عشرة إلى المجتمع في حفلةٍ كبيرة تمثل انتقالها من المراهقة الى عمر الأنوثة والجمال. حلمتُ بهذا الاحتفال منذ صغري، وعندما جاء دوري وشاركتُ في المناسبة شعرتُ وكأنني أميرة. كان شعورًا فائق الوصف. أردت إقامة هذا الاحتفال لابنتي بعد زواجي، لكنني رُزقت بثلاثة صبية وحُرِمت من ابنةٍ تحقّق حلمي. حبّي لهذا التقليد بحدّ ذاته دفعني للعمل على نقله الى لبنان. فتقديم الفتيات إلى المجتمع بطريقةٍ لائقة، وتعزيز ثقتهنّ بنفسهنّ أمرٌ جميل للغاية، وقد لمستُ شخصيًا تأثير هذا الحدث الإيجابيّ على الفتيات وعائلاتهن في لبنان، اذ بات وسيلةً لتوطيد العلاقة بين الأهل والفتيات حتى أنّ أحد الآباء شكرني على مشاركة ابنته في هذا الحدث لأنه أعاد دفء العلاقة بينه وبينها بعد جفاءٍ طويل.

أطلقنا الحدث سنة 1998، وسنحتفلُ هذا العام، تحديدًا في الأول من تشرين الثاني بمرور 25 عامًا عليه، علمًا أنّ الحدث توقّف لسنتيْن بسبب جائحة كورونا. تشاركُ 25 فتاة في المناسبة اليوم، ومن بينهن فتاتان شاركتا في الاحتفال منذ بداياته، وتشارك بناتهما فيه هذه السنة.

 

ماذا عن نشاطاتك الانسانية؟

عملتُ وزوجي على تنفيذ مشاريع كثيرة. أسّسنا “حدائق الأطفال” في 15 منطقة في لبنان، ودعمنا جمعية “أصدقاء لبنان” في البرازيل. كنا نقيم الكرنفالات ونجلب فرق السامبا الى بلاد الأرز كما أسسنا نادي “الليونز”. بعد نجاح حفل المبتدئات، قرّرتُ تخصيص المبالغ لدعم الصليب الأحمر اللبناني، فقدّمنا له أكثر من 15 سيارة إسعاف مجهّزة بالكامل.

نلاحظُ أخيرًا دعمك اللامحدود للدفاع المدني.

نعم، فبعد حريقٍ طاول منزل ابني ألفونس، رأيتُ بأمّ العين كيف يعملُ الدفاع المدني بجهدٍ وتفانٍ، ومن دون أيّ دعمٍ رسمي أو مقابل. غالبًا ما نرى أبطال الدفاع المدني في الشدائد فهم كالجندي المجهول وما يتقاضونه لا يُذكر. قرّرت أن تعود رعاية حفلة المبتدئات هذه السنة أيضًا لمساعدة الدفاع المدني، لأن أفراده يستحقّون كلّ الدعم والتقدير.

هل ورث أولادُكِ شغف زوجكِ في تقريب المسافة بين المسيحيين والمسلمين؟

أنا حزينة جدًا، لأن لا أحد من أولادي حمل هذه الشعلة. كان زوجي يعمل دومًا على تقريب المسافات بين الطوائف وتحديدًا بين المسلمين والمسيحيين. يعمل أولادي اليوم في الخارج، ويدعمون كثيرًا من الجمعيات الخيرية، لكنّهم لا يتابعون مسيرة والدهم بشكلٍ مباشر، فانشغالاتهم المتعدّدة تحول دون ذلك وهذا أمرٌ يحزنني للغاية ولكنّ الظروف شاءت ذلك، وما باليد حيلة.

غالبًا ما تتحدّثين في لقاءاتك عن لبنان “الجميل”. هل ما زلت ترينه جميلًا؟

أحبّ الزمن القديم وحرارة التواصل بين الناس. كانت العائلة حريصة على الاجتماع والتواصل الدائم بينما ينشغل الجيل الحالي بالتكنولوجيا، وقد تقلّصت مساحات اللقاء والتواصل بين أفراد العائلة. ورغم ذلك لا مثيل للبنان وشعبه من حيث دفء اللقاءات والمناسبات رغم الضغوط والمشاكل كلّها.

أناقتكِ كانت دومًا لافتة. هل من مصمّم مفضّل لديك؟

أحببتُ الأناقة منذ صغري، وكان حلمي أن أكون مصمّمة أزياء لدرجة أنّني كنتُ أهتمّ بتفاصيل ثيابي بنفسي وغالبًا ما أضيف إلى ملابسي لمستي الخاصة بأكسسواراتٍ وتصاميم أصمّمها بنفسي. وأنا أحبّ الألوان بطبعي فتجدني لا أرتدي الأسود أبدًا. ولحسن حظي أنني أعيش في بلد الأناقة والجمال. يعجبني كثيرٌ من المصممين اللبنانيين، وأوّلهم العالميّ إيلي صعب الذي رفع اسم لبنان عاليًا وأعطى المرأة حقّها من الجمال والأنوثة والرقيّ.

 

ما هي نصيحتكِ للمرأة اللبنانية؟

المرأة اللبنانية قوية وجميلة، فهي تعملُ بجهدٍ وتسهم في بناء المجتمع. وليس لأحدٍ أن يلومها على طموحها. ورغم التطوّر الحالي ما زالت العائلة في لبنان متماسكة بفضل المرأة ونادرًا ما نرى ذلك في الخارج.

 

هل أنتِ متفائلة بمستقبل لبنان؟

أنا متفائلة جدًا. لدينا رئيسٌ جديد اليوم وهو قائدٌ حقيقيّ ووطنيّ، و لدينا سيّدة أولى نشيطة وذكيّة للغاية. الشعب اللبناني كلّه يراهنُ عليهما، وأنا مؤمنة بأنّ لبنان سيستعيدُ عافيته ويعود الى سابق تألّقه وفرادته معهما. عندما يكون لدينا رئيسٌ مثل الرئيس جوزيف عون، لا بدّ من أن يكون مستقبلُ لبنان زاهرًا!

العدد الثامن 2025-9-25
ناقد فنّي ومخرج at  | Website |  + posts

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى