AI

الخلود… حلمُ كورزويل ومآلات التقنية المستقبلية

في عالمٍ متسارع الإيقاع، حيث تتعانق الآلات مع أحلام البشر، يبرز صوت المهندس البارع راي كورزويل، ليحكي لنا قصةً تبدو من نسج الخيال، لكنها تعبّر عن نبض الحاضر ورؤية ثاقبة للمُستقبل القريب. يؤمن كورزويل بأنّ الإنسان قد يخطو خطوةً جبارة قريبًا، وأنّه بحلول عام 2030 قد يصل فعلًا إلى تحقيق نوعٍ مِن الخلود، ذلك الحلم الأزلي الذي طالما راود البشرية. وفق كورزويل ستكون هذه القفزة المذهلة ثمرة التقدّم السريع في علوم التكنولوجيا، وتحديدًا في ميدان “الروبوتات النانوية” التي تملك القدرة على إصلاح خلايا أجسادنا من الداخل، وكأنّها رسائل سرية للخلود.

ليس كورزويل مجرّد متنبّئ عابر، بل له سجلٌ حافلٌ في قراءة ملامح المستقبل، إذ تنبّأ قبل سنوات بأنّ برنامج ديب بلو الذي ابتكرته شركة IBM سيفوز على بطل العالم في الشطرنج، وقد تحقّق ذلك في العام 1997، قبل عامٍ تحديدًا من الموعد الذي أعطاه. كما توقّع أن تتطور أجهزة الحاسوب المحمولة لتصل إلى مستويات تخزينٍ شبيهة بتعقيد الدماغ البشري بحلول عام 2023، وما تزال هذه التوقعات تثير الدهشة وكثيرًا من الاهتمام اليوم.

يفتح كورزويل في كتابه “التفرّد قريب”، نافذةً على مستقبلٍ يصف فيه اختراقاتٍ مذهلة بمجالات علم الوراثة، والروبوتات، والنانو تكنولوجي، ستجعل من الشيخوخة والمرض مجرّد ذكرياتٍ بعيدة. ويتحدّث عن لحظةٍ مصيرية سيصل فيها الذكاء الاصطناعي إلى مستوى يعادل الذكاء البشري في العام 2029، ثم يصل الأمر إلى حدّ ذوبان ذواتنا مع الآلات في العام 2045، فتنصهر عقولنا مع الذكاء الاصطناعي، وتتضاعف قدراتنا بشكلٍ يفوق الخيال.

اعتبرها بعض كبار رواد التكنولوجيا مثل ماسك هذه الرؤية الجريئة إنذارًا يحثّنا على التوقّف والتفكير، محذّرين من أن الذكاء الاصطناعي يتسارع في مساره مِن دون قوانين تحدّ من مخاطر محتملة لا ندرك انعكاساتها بعد. ويؤمن آخرون، مثل رئيس شركة سوفت بانك، بأنّ “التفرّد التكنولوجي” قادمٌ لا محالة في غضون عقودٍ قليلة وقد يغيّر معالم الحياة الإنسانية بالكامل.

إنّها إذًا رحلةٌ محفوفة بالمخاطر والأحلام، بين طموح الإنسان في تحقيق الخلود، وتحكّم الآلة في مصيرنا، بين الوعد بالشفاء الأبدي والتحديات الأخلاقية التي قد تفرضها تلك القفزات العلمية. وهكذا يقف العالم على عتبة عصرٍ جديد، يسير فيه الإنسان نحو مجهولٍ محفوفٍ بالتقنيات المتطوّرة وكثيرٍ من الاسئلة المقلقة.

BEIRUT CULTURE
Website |  + posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى