مقالات

ليلة الزركة لـ شربل شربل

+ posts

كاتب وأديب

اليوم أحد المرفع. وقد اكتسب هذا الأحد صفته، المرفع، من فعل رفع اللحم والزفر، أي إبعادهما عن الموائد، حتّى انتهاء القطاعة والصوم الخمسينيّ.

ومن المعروف أنّ العائلات التي تتبع هذا التقليد تعمد إلى الإكثار من أكل اللحم والزفر في الأسبوع الذي يسبق الصوم، وخصوصًا في يوم أحد المرفع، وتحضّر لهذا اليوم مختلف أنواع المأكولات الدسمة، نيئة، ومشويّةً، ومطبوخة، لتوديع هذه الأصناف مدّة الصيام. ولذلك كانت ربّات البيوت يحاولن التخلّص من كلّ ما فضل عن وجبة الغداء في وجبة العشاء، ما يدفعهنّ على ترغيب الآكلين في تناول المزيد، فوق الشبع، كما يقال، لأنّ رميَ الأكل حرامٌ من الوجهة الدينيّة، ولأنّ أكل المزيد قد يشكّل احتياطيًّا استراتيجيًّا، يساعد الطاعمين على تحمّل أعباء الصيام القادم.

من هنا اكتسبت هذه الليلة تسمية ” ليلة الزركه” .

والمفردة “الزركة” أهملها المنجد في اللغة العربيّة المعاصرة. أمّا محيط المحيط فقد جاء فيه: العامّة تقول زرَكَهُ أي زحمه وضايقه وضغطه فانزرك. والاسم عندهم الزركه.
ولم يذكر” المزروك” في حين يذكر الفعل” زنق” بمعنى ضايق وأزعج، ولا يعتبره عامّيًّا، ويذكر ” المزنوق”.

يعتبر بعضهم أنّ الأكل نوعان: أكل الشبع، وأكل الفجَع.
وإذا كان أكل الفجَع مدانًا من الوجهة الأخلاقيّة، فإنّ الأكل ليلة الزركه له تبريراته الأخلاقيّة ومسوّغاته الشرعيّة، والفرق شاسع ما بينهم

أمّا أولئك الذين يرزحون تحت خطّ الجوع، فلهم علينا أكثر من ابتكار التسمية ” أكل الوجع” لوصف حالتهم والشعور معهم.

من آداب الحديث في مثل هذا اليوم” كما رفّعتم بخير، عسى أن تعيّدوا بخير”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى