غرائب

ضحكة العشب في صمت الطبيعة

حين تسلّط عدسةُ المجهر ضوءها على نصل عشبٍ صغير، تكشفُ الطبيعة عن سرّ خفيّ يدعو للدهشة والسعادة: وجوهٌ صغيرة، تشبه الابتسامات، ترتسم بخجلٍ على سطح خلايا البشرة الخارجية.

هذه الملامح الباسمة لم يُصمّمها عقل، ولم تنحتها يدٌ، بل نشأت مِن عبقرية الخلق نفسه؛ إذ تتموّج خلايا البشرة أثناء النموّ، وتنحني بفعل ضغطها الداخلي وجدرانها المرنة، فتبدو وكأنّها تبتسمُ من دون قصد. هي ابتسامةٌ لا تقصد إثارة البهجة، لكنّها تفيض بها.

في تلك الانثناءات التي نشأت لتصون الرطوبة، وتقي العشب من الأذى، وتمنحه قدرة التكيّف، تكمن حكمةُ الحياة: أنّ الوظيفة قد تنتج الجمال، وأنّ البنية- في صمتها الدقيق- قد تروي قصيدةً عن الغرض والإبداع.

تُعلّمنا ورقة العشب، في بساطتها وصدقها، أن الطبيعة لا تحتاج إلى نيّاتٍ لتكون ساحرة فهي، في أغلب الأحيان، ترسمُ البهاء مصادفةً، وتبتسمُ مِن دون أن تدري.

BEIRUT CULTURE
Website |  + posts

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى