علوم

حين يتحدّثُ العصبُ بِلُغة الشفاء

في عالم الطبّ الحديث، تتجلّى بارقةُ أملٍ جديدة في مواجهة أحد أشرس أعداء الجسم: الالتهاب المزمن. فقد كشفت الأبحاث الحديثة أنّ العصب المبهم، ذلك الخيط العصبي الرفيع الممتدّ من الدماغ إلى أحشاء الجسد، قد يحمل مفتاح الخلاص عبر تقنية تُعرف بتحفيز العصب المبهم، والتي توظّف نبضاتٍ كهربائيّة خفيفة لإعادة تنظيم استجابة الجهاز المناعي.

لا يُعدّ الالتهابُ المزمن مرضًا بحدّ ذاته، بل هو ساحةٌ خفية تُدار فيها معارك خاسرة، حيث يظلّ الجسم في حالة تأهّب دائم، فتتولّد الأضرار التي تفتح أبواب القلب للداء، وتعكّر صفو الأمعاء، وتغزو العقل والوجدان. وتشير الدراسات إلى أن هذا النوع من الالتهاب يقف وراء أكثر من نصف حالات الوفاة حول العالم، إذ يسهم في نشوء أمراض كالسرطان والسكري وتصلب الشرايين وأمراض المناعة الذاتية.

وتكمن روعة هذا الاكتشاف في كونه لا يستند إلى الأدوية التقليديّة ذات الآثار الجانبية، بل يعتمد على “الطب البيوإلكتروني”، الذي يوظّف الكهرباء كأداةٍ علاجية تُمكّن العصب المبهم من أداء دوره كقائدٍ حكيم للجهاز المناعي، يُعيد إليه اتزانه ويكبح جماح جزيئات الالتهاب الضارة.

ومع اتساع رقعة الأبحاث في هذا المضمار، بدأت تلوح في الأفق إمكانيات واعدة لعلاج طيفٍ واسع من الحالات، من اضطرابات المزاج إلى صحة الجهاز الهضمي، بل وحتى التحكم في الوزن. فهل نحن على أعتاب عصرٍ جديد تتكلّم فيه الأعصاب بلُغة الشفاء؟

BEIRUT CULTURE
Website |  + posts

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى