مقالات

من ملف “قضايا تراثية بيروتية”

تواطؤ محافظ بيروت ومجلسها البلدي في إهمال أو تشويه الموروث العمراني البيروتي في الخمسينيات... لماذا؟

+ posts

صيدلي. ناشط وباحث في الشأن التراثي والبيئي لمدينة بيروت. مؤسس جمعية تراثنا بيروت - علم وخبر رقم 707

في عام 1900 وبمناسبة مضي خمس وعشرين سنة على تولي السلطان عبد الحميد الثاني (1876 – 1909) حكم السلطنة العثمانية، فقد أنشىء السبيل الذي عرف باسم السبيل الحميدي في المنطقة “بالسور” بالقرب من بوابة يعقوب، وفيما عرف بعد ذلك باسم “الهول” وساحة رياض الصلح.
وقد احتفل بتدشين هذا السبيل وتدفق المياه منه يوم السبت في الأول من أيلول سنة 1900م – 1318هـ. وفي اليوم ذاته توجه وفد لبناني مكون من السادة: اسكندر تويني، وأمين مصطفى أرسلان، وأسعد لحود بحمل العديد من الهدايا القيمة إلى السلطان عبد الحميد الثاني في استانبول. أما مهندس السبيل الحميدي، فقد كان يوسف أفندي أفتيموس مهندس بلدية بيروت والذي كلفته البلدية بإنجازه. وقام بتركيبه المعلم اليان أبو السلو، وقام بنقشه المعلم يوسف العنيد الشامي والأخيران من أشهر صناع وتركيب الرخام.
أما عن السؤال المتعلق بتواطؤ محافظ بيروت ومجلسها البلدي في إهمال أو تشويه الموروث العمراني البيروتي في الخمسينيات فقد أجاب عنه المؤرخ اللبناني يوسف ابراهيم يزبك (1901 – 1982) عند نقل السبيل الحميدي من ساحة السور (الصورة) إلى مثواه الأخير في حديقة الصنائع. كتب في مجلته الغراء “أوراق لبنانية” الجزء الثالث عدد آذار 1957:
“… وقد رأى محافظ العاصمة العريقة، أو رأى مجلسها البلدي، أو رأى الاثنان معاً: أن ذلك الأثر الشرقي الطابع، المزخرف بأجمل النقوش الفنية والخط العربي الرائع… لا تستسيغه “حضارة البوانت فور”، أو لا يلتئم مع ما بلغته أولى مدن الشرق بيروت من رقي وتمدن، وهي التي صار غلمانها وغلاماتها يبدعون في رقصة “روك اند رول” حتى بزو الزنوج ـ فأمر ذوو الشأن بإزالة ذلك الأثر، المزعج المنظر، وفكوا بناءه حجراً حجراً، ونقلوه إلى محلة الصنائع، فاستحقوا شكرنا الجزيل ـ نحن المتأخرين، الجامدين، المحافظين، الذين نلهو بالسفاسف والآثار القديمة والأوراق العتيقة، ولا نرقص الروك اند رول ـ وصار من الواجب الوطني أن نقيم للمصلحين أنصاب التعظيم والتقدير، اعترافاً بمبرتهم التي أبقت على بلاط سبيل السور فلم يحطموه، أو لم يبيعوه بالمزاد العلني، كما بيعت حجارة السراية الصغيرة…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى