
في روايتها الجديدة جزء ناقص من الحكاية تستدعي الكاتبة رشا عدلي فن التصوير The art of photography إلى نسق اشتغالها السردي وتجعل منه تقنية سردية، تشارك في عرض الحكاية، فالصورة ليست سوى وسيلة للتعبير عن رؤية ما للعالم، وتميز مصور عن آخر، وسواء كان ذلك على مستوى التشكيل الفني الخضوع المقتضيات الإدراك البصري) أو التصوير الرواني السرد بالصورة المرئية)، فإنها جميعها تسير في اتجاه نقطة (عناية) محددة … وعلى أساسها التصور التجربة الإنسانية من بهذا المنظور الفني الكثيف. أثرت الكاتبة رشا عدلي روايتها بمعطيات حكائية متنوعة، تقتنص بطلتها وهي مصورة Photographer، من حياة الشخصيات العابرة في حياتها، لحظات مؤثرة هي بالنسبة لكل (شخصية حالة)، لحظة تعادل حياة بأكملها، أما بالنسبة إليها كفنانة فتأتي تعويضاً عن كل اللحظات الهاربة من حياتها، والتي لم تستطع الإمساك بها.
هذه الحكاية الجذابة والشائقة، تطالعنا بها روان كراو موضوعي يمثل حضورها الجزء الأهم من الحكاية وروان باحثة في تاريخ الفن، تدرس فن التصوير في نيويورك، تبدأ حكايتها عندما يقودها شغفها إلى حضور معرض صور للفنانة فيفيان ماير، وهي مصورة Photographer، كانت قد تكلمت على فنها، حتى عثر عليه بالصدفة ومنذ ذلك اليوم أصبحت أعمالها محط أنظار الجميع خبراء الفنون، والباحثين، والمؤلفين.
يحتوي المعرض على صور التقطت في أميركا وعدد من البلدان، منها مصر، بالإضافة إلى صور شخصية أخرى، إلا أن الشيء الذي أثار دهشة روان، صورة للمصورة فيفيان ماير مع رجل على متن مركب شراعي التقطت في القاهرة عام 1967، وكل شيء في الصورة يعود إلى تلك الأيام، إنها أيام تعود إلى نصف قرن قبل ولادة روان، وبالرغم من ذلك، كانت على يقين أنها تعرف ذلك الرجل وهكذا، قادت تلك الصور روان إلى التفكير في هذه المرأة في حياتها، والعالم من حولها والتساؤل هو كيف يمكن أن يمتلك المرء ثروة إبداعية ولا يشارك أحداً فيها؟ أما الأهم من ذلك كله فهو البحث عن من الصورة الوحيدة التي تظهر فيها فيفيان ماير مع الرجل الوحيد في حياتها بالنسبة إلى روان لم تكن فيفيان ماير مجرد مصورة يرتكز مشروع تخرجها على أعمالها، أو حتى هويتها، أو حياتها، أو كيفية موتها، بل كانت أكثر من ذلك، وما جذبها إليها هو فنها. إحساسها القوي الذي استطاعت من خلاله أن تتغلب على الجانب الوثائقي المفهوم التصوير الفوتوغرافي، وكأنها بذلك تحاول أن تحمي ما تعلن عنه، أو تؤطره في إطار خاص. تكرس هذه الرواية نوعاً نادراً من الفنون هو أكثر من فن التصوير، إله من النقاط الذات، فالمصورة هذا لم تكن تصور أشخاصاً، بل تصور ذوات منفصلة عن نفسها البعيدة والثانية، وربما لأن تلك الذوات كانت تشبهها كفنانة ترى الأشياء بمنظور مختلف يكشف تفاصيل مخفية في ذوات أبطالها، فنانة تحاول بعدستها إكتشاف الجزء الناقص من الحكاية. قدمت الكاتبة رشا عدلي لروايتها بمقدمة تقول فيها: من بين الكثير من الأحداث التي نمر بها منذ لحظة ميلادنا وحتى مماتنا، هناك أحداث فارقة لا يمكننا أبداً بعد مرورها أن تكون كما كنا من قبل. إذ تتبدل شخصياتنا وتتغير لتصل أحياناً إلى حد أننا لا تستطيع أن التعرف على أنفسنا، هذه الأحداث تلتقطها كاميرا العمر فتبقى دائماً حاضرة وساطعة، معلقة على جدار الذاكرة، فهي لقطات لا تستطيع إغفالها، ونسيانها، وتفاديها. هذه الرواية تحكي عن تلك اللقطات الهامة في حياة أبطالها”.
تأليف: رشا عدلي
الفئة: رواية عربية
المقاس: 145 × 21.5 سنتم
عدد الصفحات: 480
الناشر: الدار العربية للعلوم ناشرون