الصداقة أقوى من الكلام… العلم يثبت تواصل العقول

قدّمت الأبحاث العلمية الحديثة دلائل مدهشة تشير إلى أنّ التخاطر قد يكون حقيقياً، حيث تبيّن أنّ أدمغة الأصدقاء المقرّبين قد تدخل حالةً من التزامن. فقد أظهرت دراسات تستخدم تقنيات متقدّمة لتصوير الدماغ أنّه عندما يتفاعل الأصدقاء المقرّبون تظهر أنماط متشابهة من النشاط العصبي لدى كلّ منهما.
ويكون هذا التزامن العصبي أقوى لدى مَن تجمعهم روابط عاطفية عميقة، ما يوحي بأن التجارب المشتركة، والتعاطف، والألفة قد تعزّز هذا الرابط بين الأدمغة. وبمعنى عمليّ، يتمكّن الأصدقاء من توقّع ردود أفعال بعضهم، أو إكمال أفكار بعضهم بعضًا، أو تبادل أفكار دقيقة من دون حاجةٍ إلى كلمات.
أجرى الباحثون تجارب وضعوا فيها أصدقاء في غرف منفصلة وطلبوا منهم إنجاز مهام أو الإجابة عن أسئلة متعلّقة ببعضهم بعضًا. وجاءت النتائج لتُظهر بأنّ التماثل في الموجات الدماغية والاستجابات العصبية كان أوضح بكثير بين الأصدقاء المقرّبين مقارنةً بالغرباء، ما يقدّم دعمًا علميًّا لظاهرة “التفكير على الموجة نفسها” بين الأصحاب.
تحمل هذه النتائج دلالات مهمّة لفهم السلوك الاجتماعي البشري، والتعاطف، وأساليب التواصل. فهي تشير إلى أنّ الروابط العاطفية القوية تنتج صلةً فيزيولوجية قابلة للقياس تتجاوز حدود التفاعل اللفظي. كذلك تفتح الباب أمام دراساتٍ جديدة حول كيفية تأثير العلاقات الإنسانية على الإدراك، والتعلّم، واتخاذ القرار.
ورغم أنّ فكرة التخاطر قد تبدو أقرب إلى الخيال العلمي، يُبرز هذا الاكتشاف الطرق المذهلة التي يتواصل عبرها الدماغ البشري مع الآخرين.