هاروت فازيليان وأوركسترا “فردوس” في “اكسير” “شهرزاد” كورساكوف في أمسيةٍ فريدة
الى رحلةٍ بعيدةٍ عن صخب المدينة وضوضاء الشوارع خطفتنا ألحان أوركسترا “فردوس” بقيادة مديرها الفني المايسترو هاروت فازيليان، الى عالمٍ حالمٍ حيث ينسجم الذوق الرفيع والحسّ المرهف مع أجمل ما خلق الله من لوحات، تشعرك كما لو أنّك لبرهةٍ من الزمن، بعيدٌ عن المشاكل المحيطة والأخطار المحدقة.
وسط إبداعٍ موسيقيّ يمزج بين الأصالة الشرقية والتقنية الروسيّة الكلاسيكيّة، حيث يتعانق اللحن والنثر، انطلقت “شهرزاد” بقالبٍ موسيقيّ إبداعي، أمتع كلّ من حضر مِن شخصياتٍ ديبلوماسيّةٍ وثقافيةٍ وإعلاميّة إلى “أكسير” في إدّه البترون، سطّرت خلالها التاريخ بأمسيةٍ فريدة أرجعتنا الى القرن التاسع عشر وسحر قصصه.
حمل النصّ الأدبي توقيع الشاعر هنري زغيب، وأدّت دور الأميرة “شهرزاد” الفنانة جنى أبي غصن، فيما جسّد جلال الشعّار شخصية الملك “شهريار” بصوتٍ مؤثّر وحضورٍ مسرحيّ مميز.
“شهرزاد” من أروع تحف الملحّن الروسي نيكولاي ريمسكي كورساكوف الأوركسترالية. وضعها في القرن التاسع عشر مستوحيًا إيّاها من قصص ألف ليلة وليلة، لتقدّم للمرّة الأولى في لبنان، وسط كرمةٍ من أشجار العريش على امتداد النظر، مع مجموعةٍ من الموسيقيين الذين توافدوا من مختلف أصقاع الأرض الى وطن “الرسالة” لينسجوا حبكةً موسيقيّة قلّ نظيرها في أيامنا هذه.
يذكر أن فرقة “فردوس” هي مبادرة من مدينة “إكسبو دبي”. اذ تعد الفرقة النسائية الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتضم عازفات من أكثر من ٢٤ دولة مختلفة.
جاءت الأمسية على أربعة محاور، تمثّل كلّ واحد منها مشهدًا من حكاياتٍ ترويها شهرزاد لشهريار. وقد حافظ المايسترو فازيليان على رؤية كورساكوف بكلّ دقة، فجاء توزيع الأوركسترا وآلاتها كما أراد الملحّن الروسي، فرمز الكمان المنفرد إلى شخصية شهرزاد، بينما عكست النغمات القويّة شخصية شهريار. وكما في كلّ مناسبة، يثبت فازيليان قدرته على اختيار المواضيع الفريدة وتنفيذها بحرفيةٍ عالية، فهي ليست المرّة الأولى التى يبهرنا فيها قائد الأوركسترا بمهارته ولن تكون الأخيرة طبعًا. وما أحوجنا اليوم إلى جهوده في إنقاذ المشهد الثقافي في لبنان من رتابته، وإعادة الأمل إلى نفوس المتعطّشين للجمال والإبداع.
